طريقة إحسان التدبير واجتناب التبذير فى المال - كل مصر

مال وأقتصاد / اقتصاد مالي

لمال نعمة من نعم الله على عباده ونعم الله كلها تستحق منا التقدير والاحترام والعناية والرعاية وقد أجمع العلماء على أن حفظ المال هو أحد الضروريات الخمس الكبرى التي عليها مدار الشريعة ومقاصدها وحفظ هذه الضروريات كما قرره علماؤنا ان يكون من جانب الوجود ويكون من جانب العدم وقال الإمام أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله والحفظ لها يكون بأمرين أحدهما ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود والثاني ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم . والذي يقيم أركان المال ويثبت قواعده هو اتخاذ الأسباب لتنميته وحسن تدبيره ومن أهم شروط ذلك ووسائله الادخار والاستثمار أو الاستثمار المنطوي على الادخار فالادخار الرشيد للمال لا ينفك عن استثماره وتنميته ولذلك فإن الادخار يجب أن يكون قرين الاستثمار وحليفه أما الادخار العقيم غير المنتج فهو مجرد تجميد للمال وتعطيل لوظائفه التنموية والاجتماعية بل هو إضاعة له لأن التجميد هو نوع من التضييع وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال كما في الصحيحين وغيرهما. وأما حفظ المال من جانب العدم فمن أهم أحكامه في الشريعة الإسلامية مع تحريم التبذير والإسراف في الاستهلاك قال تعالى ولا تبذر تبذيرا إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة وقال ابن عباس كل ما شئت والبس ما شئت ما أخطأتك اثنتان سرف أو مخيلة والمخيلة هي حب الظهور بمظاهر الغنى والتفوق والأفضلية سواء في اللباس أو الطعام والشراب أو الأثاث أو غيرها من المظاهر والمقتنيات الاستهلاكية فهي تدفع إلى الإسراف والتباهي ولو بشكل غير معلن . فهذه الآفات هي أعداء الادخار والاستثمار والتنمية والتدبير الرشيد للمال فضلا عما تجره من أضرار ومفاسد صحية ونفسية واجتماعية فالاستهلاك بلا حدود مفسدة بلا حدود حتى إن كثيرا من الأعمال والمجالس الدعوية والتربوية أصبحت تتضرر وتئن تحت وطأة السرف والمخيلة والسلوك الاستهلاكي المرهق لأكثر الناس . لاننا نعيش اليوم في مجتمع يوصف بالمجتمع الاستهلاكي وتوصف حياتنا بنمط الحياة الاستهلاكية أي أن الاستهلاك المفرط أصبح من سماتها البارزة فالأقلية الرأسمالية تراكم منتوجاتها وأرباحها على حساب الأغلبية العظمى التي لا تراكم سوى العبودية للاستهلاك ودورته المتحكمة المستحكمة . فلذلك لا يليق بالمسلم المهتدي بنور الشرع ولا يجوز له أن يكون أسيرا مستسلما للاستهلاك والسلبية ولا يفعل سوى أن يستهلك حتى يستهلك وكأنما يتماهى مع مقولة عرب الجاهلية ما هي إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر . فلا بد من التحكم العقلاني في أبواب الاستهلاك وإغلاق ما يجب إغلاقه منها ولا بد مقابل ذلك من طرق أبواب الاستثمار والتنمية وسلوك طرقها واتخاذ أسبابها وليس هذا خاصا بذوي المداخيل الكبيرة كما يظن بل هو في حق غيرهم من ذوي المداخيل الصغيرة والمتوسطة وما لا يمكن تحقيقه بالانفراد ويمكن تحقيقه بالتعاون والاشتراك وضم القليل إلى غيره وقد قيل القليل من الكثير كثير بمعنى أن المبالغ القليلة من عدد كثير من الناس تعطي في مجموعها مبالغ كبيرة وقدرة كبيرة .

التعليقات

كتابة تعليق